عالم الاستكشاف - World of Exploration عالم الاستكشاف - World of Exploration
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

كيف حوّلت الجزائر الصحراء إلى مزارع خضراء

كيف حوّلت الجزائر الصحراء إلى مزارع خضراء تنافس مصر ونيجيريا؟


وصف الفيديو

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر الحديث، تمكنت الدولة من تحقيق قفزة زراعية هائلة جعلتها تحتل مكانة بارزة على خريطة الإنتاج الغذائي العالمي. لم يعد الحديث عن الزراعة في الجزائر مقصورًا على التحديات والمشاكل كما في السابق، بل أصبح قصة نجاح مذهلة، تجذب أنظار الخبراء والاقتصاديين في العالم كله. كيف حدث هذا التحول؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت الجزائر تصل إلى هذا المستوى المبهر من الاكتفاء الذاتي والإنتاج؟ هذا ما سنكشفه بالتفصيل في هذا المقال.


لقد شكّل عام 2024 نقطة تحول استراتيجية في مسار الزراعة الجزائرية، حيث بلغت قيمة العائدات الزراعية 37 مليار دولار أمريكي، وهو رقم غير مسبوق يعادل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا الإنجاز الضخم لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة خطة وطنية محكمة وضعها الرئيس عبد المجيد تبون، ركّزت على تحويل الزراعة من قطاع تقليدي ضعيف إلى ركيزة أساسية في بناء اقتصاد وطني مستقل ومتين.


في السابق، كانت الجزائر تعتمد بشكل كبير على استيراد القمح والحبوب لتغطية احتياجاتها الداخلية. ففي عام 2023 وحده، استوردت البلاد نحو 7.5 مليون طن من القمح، معتمدة على أسواق أوروبا وأمريكا الشمالية. لكن مع انطلاق استراتيجية الاستصلاح الزراعي الجديدة، وضخ استثمارات ضخمة في مجال تطوير الأراضي الزراعية، تغيّر المشهد كليًا. فقد قررت الدولة رفع المساحات الزراعية بنسبة 30% خلال السنوات القادمة، مع التركيز على التقنيات الحديثة مثل الري الذكي، والزراعة الدقيقة، والاعتماد على البحث العلمي لتحسين سلالات المحاصيل.


واحدة من الخطوات الجريئة التي أدهشت الجميع كانت إعلان الحكومة الجزائرية رسميًا وقف استيراد القمح الصلب ابتداءً من عام 2025. قرار أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الاقتصادية والإعلامية، خاصة أنه جاء بعد عقود طويلة من الاعتماد على الاستيراد. لكن الحكومة أكدت أن هذا القرار ليس مغامرة عشوائية، بل نتيجة لحسابات دقيقة وخطط استثمارية طويلة المدى، شملت تطوير مناطق زراعية جديدة في الجنوب، مثل مشروع المزرعة العملاقة في ولاية بسكرة، التي شهدت توسعًا كبيرًا في زراعة التمور والخضروات بطرق حديثة رفعت الإنتاج بنسبة 40%.


ولم تكتفِ الجزائر بتطوير الإنتاج المحلي، بل بدأت تدخل بقوة سوق التصدير العالمي. التمور الجزائرية، الزيتون، البطاطس، والخضر المتنوعة أصبحت تُصدّر اليوم إلى عشرات الدول، ما ساهم في رفع مداخيل العملة الصعبة وتوفير أكثر من 2.5 مليون فرصة عمل في القطاع الزراعي وحده.


لكن هذا النجاح لم يخلُ من التحديات. فالجزائر تواجه صعوبات بيئية ومناخية كبيرة، خاصة مع تزايد معدلات التصحر ونقص الموارد المائية. إذ أن أكثر من 80% من مساحة الجزائر صحراء قاحلة، والمياه المتاحة لا تكفي سوى بالكاد لتغطية الاحتياجات الأساسية. لذلك، فإن الحكومة استثمرت بشكل مكثف في مشاريع تحلية المياه، وتطوير أنظمة ري موفرة للماء، واعتماد حلول الزراعة الذكية والرقمية، لضمان استدامة هذا النمو الزراعي رغم قسوة الظروف البيئية.


السؤال الأهم الذي يُطرح الآن: هل تستطيع الجزائر منافسة مصر ونيجيريا على صدارة الإنتاج الزراعي الإفريقي؟ وفق تقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والبنك الدولي، فإن الجزائر تمتلك كل المؤهلات لتصبح ضمن أكبر ثلاث قوى زراعية في القارة خلال العقد المقبل، بشرط مواصلة تطبيق السياسات الزراعية الذكية وتكثيف الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية.


في النهاية، يمكن القول إن الجزائر أطلقت ثورة زراعية حقيقية قد تغيّر موازين القوى الاقتصادية في إفريقيا والعالم العربي. ورغم أن الطريق ما زال مليئًا بالتحديات مثل الجفاف ونقص المياه وضرورة تحديث الأساليب الزراعية، فإن إرادة الدولة ورؤيتها الاستراتيجية قد تمهد لتحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، بل وربما التحوّل إلى مصدر رئيسي للحبوب والخضروات في السوق العالمية.


الجزائر اليوم تراهن على الزراعة كخيار استراتيجي للأمن القومي والسيادة الغذائية، وتسعى إلى تثبيت مكانتها كقوة اقتصادية إقليمية عظمى في هذا المجال. وحده الزمن سيكشف مدى نجاح هذه الرؤية الطموحة.

عن الكاتب

عالم لاستكشاف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عالم الاستكشاف - World of Exploration