random
آخر الأخبار
random
random
جاري التحميل ...
random
التعليقات
جميع الحقوق محفوظة
عالم الاستكشاف - World of Explorationفي خطوة تعد الأهم في تاريخ قواتها الجوية، تستعد الجزائر لدخول نادي القوى العسكرية الكبرى من خلال صفقة تاريخية لاقتناء مقاتلة الجيل الخامس الروسية المتطورة سوخوي 57، وهي الطائرة التي أحدثت ضجة عالمية لما تحمله من تقنيات ثورية جعلتها محط أنظار كبريات الجيوش العالمية. لم يكن قرار الجزائر لامتلاك هذه المقاتلة قرارًا عابرًا، بل نتيجة دراسة استراتيجية عميقة هدفت إلى تحقيق نقلة نوعية في قدرات الردع والدفاع والهجوم ضمن ساحة صراع إقليمي ودولي يتغير بسرعة.
تُعد سوخوي 57 تحفة روسية في مجال الطائرات الشبحية، فهي تجمع بين السرعة الخارقة، والقدرة العالية على المناورة، ونظام التخفي المتطور، إلى جانب منظومات رصد واستشعار حديثة تجعلها قادرة على اكتشاف الأهداف من مسافات بعيدة جدًا تفوق 400 كيلومتر، متفوقة بذلك حتى على منافستها الأمريكية F-35. هذه الميزة تمنح سلاح الجو الجزائري أسبقية تكتيكية كبيرة في أي مواجهة محتملة، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في شمال إفريقيا بين الجزائر ودول الجوار مثل المغرب، الذي يسعى بدوره لتعزيز قدراته الجوية عبر طائرات F-16 فايبر وربما F-35 في المستقبل.
اختيار الجزائر لطائرة سوخوي 57 لم يأتِ من فراغ، فهو مدفوع بعدة معطيات عسكرية واقتصادية؛ أهمها أن تكلفة تشغيل الساعة الواحدة من هذه المقاتلة تبلغ نحو 30,000 دولار، وهو رقم أقل بكثير من نظيرتها الأمريكية، مما يجعلها خيارًا مناسبًا لدولة مثل الجزائر التي تدير ميزانية دفاع كبيرة لكنها ليست مفتوحة بلا قيود. إضافة إلى ذلك، فإن عمر الطائرة الافتراضي يصل إلى 35 عامًا، ما يعزز العائد الاستراتيجي طويل الأمد لهذا الاستثمار.
هذه الصفقة تجعل الجزائر أول دولة خارج آسيا وأوروبا تدخل مجال مقاتلات الجيل الخامس الفعلية، ما يغير موازين القوى الجوية في شمال إفريقيا بالكامل. من المتوقع أن تدفع هذه الخطوة دول الجوار مثل المغرب ومصر إلى مراجعة حساباتها الاستراتيجية، خاصة وأن مصر دخلت بالفعل نادي الجيل الخامس عبر المقاتلة الصينية J-31، في حين لم يُعلن المغرب رسميًا حتى الآن عن انضمامه لهذا السباق الشرس.
ولا تقتصر مكاسب الجزائر من هذه الصفقة على امتلاك طائرة شبحية فقط، بل تشمل أيضًا نقل خبرات تقنية وتدريب كوادر فنية وعسكرية متقدمة، فضلاً عن تعزيز التعاون العسكري مع روسيا، الذي يتسع عامًا بعد عام، ليشمل صفقات أخرى محتملة في مجالات الدفاع الجوي، الأنظمة الصاروخية، والغواصات النووية.
من جهة أخرى، تتابع واشنطن وباريس هذه التطورات بقلق شديد، خاصة في ظل تنامي التوجه الجزائري نحو موسكو وبكين في مجال التسليح، وهو ما قد يضعف النفوذ الغربي التقليدي في شمال إفريقيا. كما أن امتلاك الجزائر لسوخوي 57 يُرسل رسالة واضحة لأي قوة أجنبية تفكر في اختبار حدود الأمن الجزائري، فهذه الطائرة قادرة على تنفيذ هجمات دقيقة وعميقة خلف خطوط العدو دون أن تُكتشف.
أما داخليًا، فإن امتلاك "سوخوي 57" سيُلزم الجيش الجزائري بتطوير بنيته التحتية اللوجستية والفنية، بدءًا من تحديث قواعد الطيران، مرورًا بتأهيل طواقم الصيانة، وصولاً إلى دمج هذه المقاتلات مع الأنظمة الدفاعية الأخرى مثل "سوخوي 30" و"ميغ 29"، لخلق قوة جوية متكاملة قادرة على تنفيذ المهام الدفاعية والهجومية في آن واحد.
وفي ظل الحديث عن إمكانية نشوب سباق تسلح إقليمي، يبرز تساؤل مشروع: هل تفتح صفقة السوخوي 57 الباب لسباق جديد في شمال إفريقيا قد يشمل اقتناء أنظمة صاروخية متقدمة مثل S-500 أو طائرات مسيرة شبحية؟ أم ستكون الجزائر قادرة على الحفاظ على هذا التفوق طويل الأمد؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.
في النهاية، لا يمكن تجاهل أن قرار الجزائر باقتناء مقاتلة "سوخوي 57" ليس مجرد استثمار في سلاح جديد، بل هو جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحويل الجيش الجزائري إلى قوة ردع إقليمية قادرة على فرض معادلات جديدة في المنطقة، خصوصًا مع تزايد التحديات الأمنية سواء من الجنوب في منطقة الساحل أو من الغرب حيث الحدود مع المغرب.
جميع الحقوق محفوظة
عالم الاستكشاف - World of Exploration