عالم الاستكشاف - World of Exploration عالم الاستكشاف - World of Exploration
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

صناعة السفن في الجزائر

الجزائر تقتحم عالم صناعة السفن: قصة نجاح بحرية بأيدٍ جزائرية خالصة



وصف

تُسطّر الجزائر قصة نجاح فريدة في عالم صناعة السفن، حيث استطاعت في السنوات الأخيرة أن تتحوّل من مستورد ومستهلك لهذه التقنية البحرية إلى صانع منافس إقليميًا ودوليًا. فمنذ عقود والجزائر تبني أسطولها البحري بحذر وتخطيط، لكن في العقد الأخير، وتحديدًا بعد 2020، تسارعت وتيرة الإنجازات حتى أصبحت صناعة السفن واحدة من أعمدة الاقتصاد البحري الجزائري، برؤية طموحة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير السفن للأسواق الخارجية.


في عام 2022، شهدت الجزائر طفرة حقيقية بصناعتها لأول سفينة لصيد التونة بطول 35 مترًا، وبنسبة إدماج محلي كامل 100%. هذه الخطوة لم تكن حدثًا عابرًا بل بداية لمشروع ضخم لبناء سلسلة من سفن صيد التونة على طول السواحل الجزائرية. كما أصدرت الحكومة الجزائرية 15 رخصة استثمار في هذا المجال موزعة على 12 ولاية ساحلية، لتوسيع القاعدة الصناعية البحرية.


وفي الجانب العسكري، تخطو الجزائر بثقة لتطوير قوتها البحرية من خلال إنتاج كورفيتات قتالية صينية الطراز من نوع 056 (F-15A) داخل أحواضها المحلية، ما يعكس نقلة نوعية في الصناعة العسكرية البحرية الجزائرية ويؤكد عزم البلاد على تقليل التبعية الخارجية في هذا القطاع الاستراتيجي.


ولا يمكن إغفال أن صناعة السفن من القطاعات عالية التكلفة، لكنها أيضًا من الأكثر ربحًا وفاعلية في تعزيز الاقتصاد الوطني. ومن هنا جاء القرار الاستراتيجي الجزائري باقتحام هذا المجال الواعد. ففي ستينيات القرن الماضي، لم يتجاوز عدد السفن الجزائرية 882 سفينة صيد، أما اليوم فقد ارتفع العدد إلى أكثر من 6,000 سفينة تغطي مختلف احتياجات الصيد والتجارة والدفاع.


أحد أهم إنجازات الجزائر في هذا المضمار هو بناء أول قاطرة بحرية لصالح شركة "سوناطراك" بطول 14 مترًا، ضمن مشروع محلي لصناعة ثلاث قاطرات بحرية بإشراف مؤسسة "إيكوراب". هذا المشروع ساهم في تشغيل يد عاملة جزائرية خالصة وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية، فضلًا عن توفير ملايين الدولارات التي كانت تصرف على الاستيراد.


وفي إطار تطوير خط إنتاج القوارب والزوارق، تمكنت الجزائر من إنتاج نماذج ناجحة تراوحت أطوالها بين 18 إلى 21 مترًا، مما جعلها تنافس دوليًا من حيث الجودة والسعر، خاصة مع الطلب المتزايد في دول الساحل الإفريقي.


أما على صعيد البنية التحتية، فقد وفرت الدولة 37 قطعة عقارية على طول الساحل الجزائري لصالح مستثمري قطاع بناء السفن، إضافة إلى خطط لدعم ورشات الصيانة والتجديد البحري، وكلها خطوات تُعزز من قدرة الجزائر على منافسة الأسواق العالمية.


وقد كان من بين أكبر النجاحات التقنية في هذا المجال، إنتاج أول محرك بحري جزائري بنسبة إدماج محلي تجاوز 70%، بالتعاون بين شركات محلية في ولايات بسكرة ومستغانم وقسنطينة. هذا المحرك المحلي سيخفض تكلفة الإنتاج بنسبة 40% مقارنة بالمحركات المستوردة، وهو ما يُمثّل نقلة كبيرة نحو الاستقلال الصناعي في مجال صناعة السفن.


إضافة لذلك، ارتفعت قدرة الإنتاج الوطني من الأسماك إلى 112,000 طن خلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى من عام 2023، بنسبة نمو 2% مقارنة بسنة 2022، في ظل خطة وطنية تهدف للوصول إلى إنتاج 200,000 طن من المنتجات البحرية بحلول 2030. كما نجحت الجزائر في رفع حصتها من صيد التونة في المياه الدولية من 1,650 طنًا عام 2022 إلى 2,023 طنًا في بداية 2023، وهو ما يعكس النجاح المتصاعد لأسطولها البحري التجاري والصيادي.

هذه الأرقام والإنجازات ليست سوى البداية، فالجزائر تسعى لأن تصبح مركزًا صناعيًا بحريًا في القارة الإفريقية، بل وتخطط لتصدير سفن الصيد والقاطرات إلى الدول المجاورة في شمال وغرب إفريقيا. كما أن تأهيل الكوادر البشرية محليًا، من خلال برامج التكوين التقني والهندسي في الجامعات والمعاهد، يضمن استمرارية هذا التقدم الصناعي لعقود قادمة.


الخلاصة أن الجزائر لم تعد تكتفي باستيراد السفن أو صيانتها، بل باتت اليوم تصنعها، تطورها، وتُصدرها. هذه القفزة النوعية تجعل منها لاعبًا رئيسيًا في صناعة السفن في البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، خاصة مع الدعم الحكومي الكبير وتنامي الشراكات الصناعية مع كبرى الشركات العالمية.


إن مستقبل الجزائر في هذا القطاع يبدو واعدًا، خصوصًا مع امتلاكها لشريط ساحلي استراتيجي بطول 1,600 كلم، يؤهلها لربط الأسواق الإفريقية بالآسيوية والأوروبية، ويمنحها فرصة نادرة لقيادة صناعة السفن في المنطقة.

عن الكاتب

عالم لاستكشاف

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

عالم الاستكشاف - World of Exploration